إعداد | الباحثة ملاك أبوديّة:
يشهد العالم في عصرنا المتسم بثورته الرقمية، ظواهر مناخية متطرفة مهددة للإنسان والتوازن البيئي. حيث تواجه الشعوب بموجبها كابوس التغير المناخي نتيجة تداعياته الخطيرة على أمن المياه في الكوكب. فالإطلاع على حقائق التغير المناخي مؤخرا لا يشير سوى إلى واقع مخيف يهدد كوكبنا بمجمله. مما أنتج ولادة ظواهر طبيعية غير مألوفة الحدوث في مناطق لم تشهد معالم الجفاف يوما كأوروبا، والصين، وغيرها. ناهيك عن تفشي الأزمات المائية في العالم العربي وقضايا دولية محتدمة بهذا الخصوص. فأثمر بالتالي عن إعتبار أن “لا أمن عسكري لأمة من الأمم خارج أمنها الإقتصادي، وذروة الأمن الإقتصادي هو الأمن الغذائي، وجوهر الأمن الغذائي ومنتجه هو المياه.”(1)
يعد حماية الأمن المائي بالتالي غاية إستراتيجية أساسية، سواء عن طريق إستثمار القدرات الإنتاجية للمياه أو الحد من تأثير نقصانها المدمر. لتشكل بدورها أولوية مجتمعية حاسمة لتعزيز وجود دولة آمنة ذات رؤية تنموية إقتصادية شاملة ومستدامة. فيجسد الأمن المائي في هذا النسق،”توافر كمية ونوعية مقبولة من المياه لأغراض الصحة، وسبل العيش، والنظم الإيكولوجية، والإنتاج، إلى جانب تحقيق الإكتفاء الذاتي من المياه بصفة مستدامة وفق المعدلات المتعارف عليها.”(2)
كما يؤكد علماء الهيدرولوجيا، إستنادا إلى التقارير الدولية، على تعاظم أزمة المياه في العالم العربي.(3) حيث يمثل الوطن العربي من بين أكثر مناطق العالم ندرة في الموارد المائية. كما تعاني أغلبية بلدانه من الإجهاد أو الفقر المائي. علاوة على ذلك، فإن 30% من الأراضي الصالحة للزراعة في المنطقة العربية معرضة للتصحر نتيجة نقص المياه. فضلا عن وجود منابع مياه الأنهار الجارية خارج منطقة الوطن العربي. وهذا ما يزيد بالتالي من خطورة المؤشرات المتعلقة بالتغير المناخي. ناهيك عن مضاعفة المخاوف من التدهور الإقتصادي، والأزمات المائية، والإضطرابات السياسية. خاصة مع تفجر الجدل مؤخرا حول آليات تشغيل سد النهضة الإثيوبي وتأثيرها على مصر والسودان، مما دفع القاهرة إلى طلب وساطة الولايات المتحدة الأميركية للتوسط في حل المسألة.(4)
وإنطلاقاً، تشكل أزمة الأمن المائي أهم التحديات الجيوسياسية التي تواجه العالم العربي في الوقت الحاضر. ومع تصاعد التغيرات المناخية والزيادة المستمرة في الطلب على المياه، يتسبب نقص المياه في تهديد الإستقرار الإقتصادي، والإجتماعي، والبيئي للدول في المنطقة. وهذا ما ينتج تساؤلات متعددة ينبغي معالجتها ضمن بنود الدراسة المتمحورة حول مفهوم الأمن المائي وماهيته. ناهيك عن حيثيات الأزمة المائية في المنطقة العربية ورؤية الخبراء الهيدرولوجيون في هذا الصدد. فضلاً عن طبيعة العلاقة ما بين التغير المناخي والأزمة المائية. وكذلك موقف القانون الدولي تجاه الأمن المائي وقضاياه. فيمكننا بذلك إستخلاص أبرز الفرص والتحديات بغية رسم الحلول اللازمة التي يمكن إستثمارها في هندسة سياسات إستراتيجية إنقاذية للأزمة المائية العربية.
المصدر | مجلة القرار للبحوث العلمية | العدد الأول | المجلد الأول | السنة الأولى | كانون الثاني (يناير) 2024 | رجب 1445
عرض كامل الدراسة | PDF 373 KB
+ لا توجد تعليقات
أضف لك