إعداد | أ.د. رياض عثمان:
تكثر المخاوف على تنشئة الباحثين من الذكاء الاصطناعي في مجال البحث العلمي في ظلّ تطوّره غير المتوقّع (السريع أو المتسرّع) “وفي العجلة الندامة”، ولا سيما في ما يتعلّق بالفكر والتفكير وحلّ المشكلات، فقد نجده يتطوّر بطُرقٍ غير متوقّعة وقُلْ أكثر تطورًا من المتوقّع، ما يثير مخاوف جسيمة بشأن السيطرة عليه بإزاء التفكير عن باحثين حقيقيّن بين المتعلمين في مجال كتابة البحث العلمي، بغضّ النظر عن نواحيه الإيجابية، يتوجّب علينا الإلماح إلى بعض السلبيّات ليكون الباحثون والأساتذة المشرفون في مأمنٍ منه.
ما ينعكس على إلقاء تَبِعاتٍ جسامٍ على مجلّات نشرِ البحث العلمي المحكّم وعلى مسؤوليها ومديري تحريرها لناحية توخّيي الأمانة العلميّة، والدقة والابتكار ، وتوارد الخواطر (تلطفًا) وعدم السرقات، مع الاعتذار من قساوة استخدام مصطلح (سرقات) الذي تطوّر كأيّ تطوّر في عالم الرقمنة إلى مصطلح (استلال) الذي يعني كثرة الاقتباسات من غير تدخّل الباحث بالتحليل والشرح بل الاكتفاء بالنقل من هنا وهنالك، فدعت الحاجة إلى إيجاد برامج تكشف تلك النقول وتلك السرقات، التي قدّمت أرباحًا طائلة للمبرمجين وشركات تسويقه، وساعدت الجامعات ومراكز الأبحاث على كشفه ، والتوافق على السماح بنسب مئوية من ذاك الاستلال متفاوتة بين القبول والرفض، غير أنّ العقل البشري الداهية اكتشف تحايلا على القفز على الكشف، والعصيان عليه متمترساً بخصوصية لغتنا المتميّزة، كأن يُلصق الهمزةَ بالكلمة مُتعامي الاستلال (الُمزوّر الذكيّ ) ، وأن يستعين بمرادف الكلمات، وأن يغيّر كلمة في كل ثلاث عشرة كلمة، أو أن يغيّر الحروف (الصقي، بدل الصفي) وتلامذة بدل معلمين ، وحوكمة بدل حاكميّة، وغير ذلك.
ولكنّ الذكاء الاصطناعي أرقى من أن يوصف بالاستلال غيرأن أخطر ما في ذلك كلّه اكتشافه بحدّ ذاته الذي بإمكانه أن يكتب بحثًا كاملاً بتلقائية غريبة، من دون أن يُشعرك ذكاؤه من أين اقتبس ونقل وسرق، وبالتالي، فإن سرعة اقتراحاتة مُخيفة، وسعة اطّلاعه مُقلقة، فضلا عن غزارة معلوماته التي تجعل الحصيف في حيرة من أمره عصيّاً على الاختيار، وتترك الباحث الحقّ في غمرة من التساؤلات، ومن الشكّ، بصوابية ما يجد أو عدمها.
المصدر | مجلة القرار للبحوث العلمية | العدد الثاني | المجلد الأول | السنة الأولى | شباط (فبراير) 2024 | شعبان 1445
+ لا توجد تعليقات
أضف لك