إعداد | البروفيسور برهان الدين الخطيب :
تعتبر السياسات العامة من العلوم الإدارية والسياسية حديثة النشأة، تحديداً منذ خمسينيات القرن الماضي في أمريكا وأوروبا، ويشكل الدور الذي تمثله السياسات العامة في إدارة الدولة عصب إدارة الشأن العام، حيث أصبح يقاس نجاح الدول وفشلها بقدرتها على صنع وتنفيذ سياسات عامة كفؤة وفعالة ومستجيبة مع احتياجات الموطن، ولا يمكن لجهة رسمية مهما كانت منفردة، الاضطلاع برسم سياسات عامة دون تحقيق مشاركة فعلية من المجتمع، فالانفراد بصنع السياسات دون إشراك المجتمع ومعرفة احتياجاته إنما هي مجازفة لفشل السياسة المطروحة مقدماً، وبالتالي نكون أمام الاضطلاع بعملية رسم سياسات عامة دون تحقيق مشاركة فعلية من المجتمع.
وتحتل الإدارة في القطاع العام ركناً أساسياً في النظام السياسي، وهي مجموعة المبادئ والقواعد والبنى والآليات والأساليب والأنماط المتناسقة التي تؤمن تحقيق وتنفيذ مهام الدولة وسياساتها العامة على مدى أراضي الوطن وخارجها وذلك ضمن الأهداف المرسومة. وتتولى الإدارة العامة تنفيذ مهام الدولة المرسومة من قبل السلطات السياسية.
ويحتل النظام الإداري موقعاً أساسياً في النظام السياسي، باعتباره الجهاز التنفيذي الذي يحقق مهام الدولة وسياساتها العامة داخلياً وخارجياً، وذلك ضمن الأهداف المرسومة من السلطات السياسية.
وتهدف هذه الدراسة إلى تقديم إطارا ً مرجعياً علمياً وعملياً للمهتمين في رسم وتنفيذ السياسات، وكل من يبحث عن ايجاد تأثير في السياسات العامة، من خلال أوراق السياسات وايصالها إلى المهتمين؛ وفي إطار ذلك تهدف الدراسة إلى:
1- توفير إطارا ً مفاهيمياً متكاملاً حول السياسات العامة، وإدارتها، والتأثير فيها سواء من منظور عام نظري أو منظور وطني.
2- دعم مهارات رواد السياسات العامة، والباحثين، والمهتمين بالتأثير في السياسات العامة، وخصوصاً القيادات السياسية والإدارية الذين يقع على عاتقهم رسم وتنفيذ السياسات العامة.
3- المساهمة في تعزيز أدوات التأثير في السياسات العامة.
4- تجديد العلاقة التي تجمع البيئة بعملية ضع السياسة العامة من خلال ابراز دور كل من الجهات الحكومية في رسم البيانات، وتحديد أهم المعوقات الرئيسية التي تحد من فعالية ونجاعة البرامج والسياسات والمطبقة.
وتنطلق إشكالية الدراسة من خلال البحث بما تعانيه أغلب السياسات العامة في تحديد أطرها والآليات السليمة في رسمها وضمان تنفيذها وقدرتها على تحقيق أهدافها المرتبطة بالمصلحة العامة. وتطرح هذه الإشكالية أسئلة حول طرق وأطر رسم السياسات العامة لا سيما في دول العالم الثالث؟ وهل الآليات التي ترسم من خلالها السياسات العامة تضمن اقرارها وتنفيذها ومراقبتها وتقييمها وتقوم بواجبتها بشكل جدي وفعلي، أم أنه شكلي لإظهار أن السياسات العامة التي وضعت ناجحة؟
وانطلقنا من فرضية أن المؤسسات المكلفة برسم السياسات العامة وتنفيذها تضعها وفقاً لاهتماماتها، وأن المكلفين بذلك ليس لديهم الخبرة الكافية أو تسعى هذه المؤسسات من خلال ذلك لتمرير أهدافها ومصالحها السياسية أو الشعبوية وخلق قوة نفوذ في مناطها أو بين جمهورها.
واعتمدنا في هذه الدراسة على المنهجين الوصفي والتحليلي وذلك من خلال وصف الجانب الذي تتطلع به الجهات التي ترسم السياسات العامة والآليات المعتمدة وتحليلها.
بالإضافة إلى دراسة الجانب القانوني من خلال الرجوع إلى النصوص الدستورية والقانونية، وتحديد الجهات الفاعلة في رسم وتنفيذ السيات العامة.
وانطلاقاً من هذا التحديد العام لمفهوم السياسات العامة نلاحظ بأن للنظام السياسي دور أساسي في رسم السياسات العامة، من هنا فإننا سنتناول في هذه الدراسة ماهية السياسات العامة والأطر التي ترسمها والآلية التي تنفذها من خلالها والعوامل التي تتأثر بها.
المصدر | مجلة القرار للبحوث العلمية | العدد الأول | المجلد الأول | السنة الأولى | كانون الثاني (يناير) 2024 | رجب 1445
عرض الدراسة كاملة | PDF 910 KB
+ لا توجد تعليقات
أضف لك