إعداد | أ.د.عماد غرلي*:
كيف يمكن النّظر إلى قيامة الكيان اللبناني في العام 1920؟ إنّ الواقع والحقيقة يحتّمان علينا العودة إلى الأصول التاريخية لهذا الكيان وتاريخه كمنهج علمي يساعدنا على استقراء الوقائع في المكان والزمان، وإلى تقديم قراءة تحليلية من خلال استعراض أبعاد الأحداث التّاريخية ووجهات الّنظر التي لعبت دوراً في إرساء مظاهر تاريخ لبنان في المراحل المختلفة منذ ألّفت الجماعات البشرية في الألف الرابع ق.م ومظاهر التاريخ القديم والدّور الحضاري للجماعات والأقوام القديمة التي استوطنت هذه البقعة وكوّنت الشّراكة ما بين البيئة الجغرافية والتفكير الإنساني وولادة الدول/ المدن القديمة على شاطىء البحر الأبيض المتوسط وفي الداخل، وكذلك ظهور مصطلح ولفظ اسم «لبنان» في اللغات والكتابات القديمة وفقاً للمدلول الجغرافي.
ولعلّ الحركة الفكرية والإمتزاج الحضاري بين الشرق والغرب منذ التاريخ القديم والتّحول في العصور الوسيطة بعد الفتح العربي/ الإسلامي، جعل الكيان يلعب دوراً على المسرح السّياسي والجغرافي في المناطق السّاحلية والجبلية التي يتكوّن منها لبنان الحالي من خلال العلاقات السّياسية والإجتماعية والإقتصادية التي كوّنت النّواة الأولى للتّجمعات البشرية في التّاريخ الوسيط والحديث والتي مهدت لإعلان وولادة الكيان عام 1920، إعلاناً مثقلاً بإرث الماضي التاريخي وحاملاً في طياته الحلّ الأنجز والإرث الثقيل للبعدين الوطني والقومي.
في هذا الإطار تأتي هذه الدّراسة لتجيب عن عددٍ من الأسئلة: ما هي سياقات الحركة التّاريخية لولادة الكيان اللّبناني؟ ما هي مظاهر التّمايز التي تميّز بها هذا الكيان في الأبعاد السّياسية والدّينية والإجتماعية؟ ما هي الرّهانات والمسارات السياسية والإجتماعية والإقتصادية التي سلكها وما هي الأبعاد المتناقضة لهذه الولادة على الصعيد الديني والوطني والقومي التي أدّت اخيراً إلى تمخّض دولة لبنان الكبير عام 1920؟
* استاذ محاضر في كلية الآداب والعلوم الانسانية – الجامعة اللبنانية
المصدر | مجلة القرار للبحوث العلمية | العدد الرابع | المجلد الثاني | السنة الأولى | نيسان (ابريل) 2024 | شوال 1445
+ لا توجد تعليقات
أضف لك