«تجليات» الشارقة في مهرجان الفنون الإسلامية

0 مدة القراءة

تحقيق | كاتيا شمعون:

 تعد امارة الشارقة العاصمة الثقافية لدولة الإمارات العربية المتحدة، في العام 1998 ، وهي حازت على لقب عاصمة الثقافة العربية من منظمة اليونسكو لجهودها في الحفاظ على التقاليد العربية وتعزيزها، وشهد عام 2014 فوزها بلقب عاصمة الثقافة الإسلامية، كما حصدت في العام 2015 لقب عاصمة السياحة العربية، وفازت بلقب العاصمة العالمية للكتاب لعام 2019، ومدينة “صديقة لذوي الإعاقة الحركية و البتر”..

انها مدينة تضج بالحياة تأخذ ما يناسبها من التطور الحضاري من جهة، ومن جهة اخرى تتمسك بتقاليدها وتراثها الإسلامي وارثه. تشكل واحة غنية بثقافتها وكنوزها الفنية، تتشارك بها مع العالم عبر متاحفها التي تبلغ 20 متحفا وصالاتها الفنية والصروح المعمارية التي تزينها بالإضافة إلى الفعاليات الثقافية والفنية على مدار اشهر السنة.

تعطي الإمارة نموذجا حيا وعمليا وليس فقط نظريا، إلى كيف يجب ان يكون المسؤول او المسؤولين عن شعبهم، انه وصف واقعي للصورة العامة في الامارة وكيف يكون اهتمام الراعي برعيته، وعلى كل الصعد.

بداية الثمانينات في القرن الماضي، قال حاكمها الشيخ الدكتور سلطان القاسمي: ” كفانا من ثورة الكونكريت و لنتحول إلى بناء الإنسان “، فبدأت الإمارة عبر مؤسساتها الحكومية وغير الحكومية تنفيذ خارطة الطريق تلك، المطلوب نشر الثقافة بكل اشكالها، من بناء المدارس إلى الجامعات والمكتبات العامة وتقديم التسهيلات اللازمة للتعلم والارتقاء بالمستوى الثقافي للأفراد.

على مدار السنة الشارقة لا تهدأ من معرضها الدولي للكتاب الذي فاز في دورته الـ 42، للعام الثالث على التوالي كأكبر معرض للكتاب في العالم على مستوى بيع وشراء الحقوق النشر، إلى استضافة الفورمولا 1 للزواق إلى مهرجانات الشعر والمسرح والقراءة والكثير غيرها من الفعاليات ومن أبرزها “مهرجان الفنون الإسلامية” الحدث الفني الدولي المتخصص في الفنون الإسلامية الذي تنظمه إدارة الشؤون الثقافية في دائرة الثقافة في حكومة الشارقة.

انطلق “مهرجان الفنون الإسلامية” في العام 1998، بهدف “عرض الفن الإسلامي في بُعديه الحضاري والجمالي، جامعا كل عام أنماطا فنية ثرية ومتنوعة”، ويترجم رؤية الإمارة “في تأصيل الفنون الإسلامية وتجديدها وترسيخ حضورها على الساحة العالمية المعاصرة للابداع البصري”.

يحتضن المهرجان في عامه 25، والذي افتتح في 13 كانون الاول 2023 ويستمر على مدار 40 يوما اي حتى 21 كانون الثاني الجاري، تجارب فنية دولية ضمن معارض فردية وجماعية، ويقام في مختلف مناطق الشارقة، ومنها: متحف الشارقة للفنون، بيت الحكمة، خورفكان، واجهة المجاز المائية، ساحة الخط،الشرقية والوسطى وغيرها.

 القصير

في حديث معه، أوضح مدير مهرجان الفنون الإسلامية محمد القصير “ان هذه الدورة تمثل ربع قرن من عمر المهرجان الذي يحتوي على العديد من الأعمال المتميزة التي تحاكي شعار المهرجان “تجليات” لاكثر من خمسين فنانا من 25 دولة، قدموا 380 عملا فنيا من جداريات ولوحات في الخط الأصيل والزخرفة. تتصدر المشاركات من الإمارات العربية والمملكة العربية السعودية والكويت والبحرين ولبنان ومصر، وهناك دول أجنبية تشارك معنا للمرة الاولى مثل كولومبيا وكازاخستان وروسيا والولايات المتحدة وكندا، فرنسا واوستراليا، حتى ان بعض الفنانين لا ينتمون إلى الديانة الإسلامية انما يهتمون بالفنون الإسلامية اشتركوا معنا لان أعمالهم طابقت الشروط المطلوبة. بالإضافة إلى العديد من المعارض والمحاضرات و80 ورشة فنية لمتخصصين في الفن العربي من الخارج”.

اضاف:”وكما كل عام، هناك تعاون بين دائرة الثقافة وحكومة الشارقة، منها هيئة الشارقة للمتاحف ومؤسسة الشارقة للفنون، وبيت الحكمة وكذلك بعض الإتحادات والجمعيات منها اتحاد الإمارات العرب وجمعية الإمارات لفن الخط العربي والزخرف الإسلامي”.

وتتطرق القصير إلى المعارض الشخصية الموازية للمهرجان منها معرض الفنان الإماراتي عبد القادر الريس فى متحف الشارقة للخط، بالإضافة إلى معرض الشارقة لكسوة الكعبة المشرفة، ومعرضين للخط العربي للفنان فرحات كوليو من تركيا وعبد الرحيم كولين من المغرب، ومعارض شخصية لمجموعة من فناني مؤسسة الشارقة للفنون ومعرض تذهيب المعاصرة لمجموعة فنانين من تركيا .

تجليات

عن شعار الدورة الجديدة، قال القصير:”لكل دورة يتم اختيار شعار والهدف من هذا الأمر تحديد الأعمال المشاركة في المهرجان وايضاً الفنانون والدول المشاركة. يشير شعار هذا العام “تجليات” إلى نفسه دون مقدمات، ففي التجلي الوضوح، والكشف، وإن كانت كل بداية صفحة بيضاء، ففي الختام التجلي، وليس أقدر من التجلي على تكوين ما لا يوصف. إن الاشتغال على عمل فني بناء على شعار معين هو سؤال يجيب عليه الفنان نفسه، والسؤال هنا هو “تجليات”، ومن المؤكد أن لكل فنان صوره المتخيلة، وعوالمه المتعددة، وفي ضوء هذا الشعار يجري إنجاز أعمال فنية ضمن بناءات فنية تقارب المفهوم، وتحاول لمس جوهره الدلالي الواسع”.

اضاف:”ولئن كانت التجليات بمعناها المتداول الوضوح، فهي أيضاً في بنائها الآخر “مدخل” إلى ما يتخفّى في النفس البشرية، أو ما يواريه الفنان في العمل الفني، ويترك للمشاهد صيغة استكشاف جوهر ومعنى التجهيز.

إن إنتاج عمل فني وفقا للشعار “تجليات” تبدو كعلاقة ترتبط بالوجود، وبالمعاينة، وبالبحث، بل، وكعلاقة ترتبط أيضاً بالتاريخ، وبالوقائع، وبالحقائق، الأمر الذي يمنح رؤية واسعة للفنانين للوصول إلى صياغة منجز بصري يلامس روح المفهوم. تحيل التجليات إلى كلِّ ما هو ظاهر بكامل صوره وجمالياته، وكلّ عمل فني رفيع إنما هو تجل لكثير من المعاني والدلالات، وهي بالإجمال “تجليات” القلب والروح، ولعل التجلي هو الانعكاس الداخلي للأشياء والطبيعة والإنسانية على صورها الحقيقية”.

الفن الإسلامي

وشدد القصير على ان “هدف المهرجان هو إبراز الفن الإسلامي، وكل الأعمال التي عرضت فيه منذ انشائه تحاكي روح الفنون الإسلامية”، مشيرا إلى أن اللجنة المنظمة العليا تختار شعار المعرض وذلك وفقا لمعايير عدة. نحن نحاول ان ننوّع في العناوين كل عام وايضا في الدول المشاركة والفنانين المشاركين، ولا يحق لمن اشترك في مهرجان سابق ان يشترك مرة اخرى”، ولفت إلى أننا ” نوجّه دعوة عامة لمن يرغب في المشاركة عن طريق الموقع الخاص بالجائزة وذلك قبل عام من موعد انعقاد المهرجان. يبداً التحضير للدورة الجديدة قبل عشرة اشهر على الأقل او سنة. بداية نختار شعار المهرجان على ان يتم بعدها اختيار المشاركين وأعمالهم والدول. الأعمال الفنية التي لا تتطابق مع الشعار او مع الروح الإسلامية وفنونها يتم رفضها. فعلى الراغب بالاشتراك ان يلتزم شروط المهرجان، الدعوة ليست محصورة بالفنانين المسلمين انما لكل فنان يطبق الشروط المطلوبة”.

وأردف “الدعوة مفتوحة لكل الدول، ليس شرطا ان يكون الفنان معروفا او لديه اعمال فنية كثيرة، اذ لدينا في هذه الدورة، عدد من الاعمال لفنانين ناشئين تحاكي شعار “تجليات” والروح الفنية الإسلامية، نحب التنويع ونشجعه، وهذا التنوع يخلق نوعا من التقارب والاستفادة بين الفنان المعروف في الساحة والفنان الناشئ”.

الأعمال فاقت المستوى

وعما إذا كانت الأعمال الفنية هذا العام على قدر المستوى المطلوب، اكد القصير ان” الأعمال فاقت المستوى المطلوب، ولاقت نجاحا كبيرا. فالمعروضات كان عبارة عن أعمال تركيبية معاصرة وأخرى في الخط والزخرفة”.

وأوضح انه “عقب انتهاء فعاليات المهرجان، تعود الأعمال الفنية إلى أصحابها، ولدينا ايضا قسم للاقتناء ومن يود ان يعرض أعماله للبيع. نحن نتحمل تكاليف دعوة الفنان وإقامته وشحن أعماله من والى بلده مع كل المستلزمات. اما بالنسبة للأعمال كبيرة الحجم، فيتم تصنيعها في الشارقة بحضور الفنان وتحت إشرافه، والعمل الذي يصنع هنا يبقى هنا”.

المصدر | الوطنية

ElQarar https://www.elqarar.com

مجلة القرار® للبحوث العلمية المحكّمة
ElQarar® Journal for Refereed Scientific Research

المزيد للمؤلف

ربما يعجبك أيضاً

+ لا توجد تعليقات

أضف لك