عقدت المبادرة اللبنانية للنفط والغاز (LOGI)، مؤتمرا صحافيا في فندق “راديسون” في بيروت، لمناقشة الوضع الحالي لقطاع الكهرباء في لبنان والإجابة على أسئلة تتعلق بحملة “حقنا نعيش ع ضو” التي تسلط الضوء على معاناة اللبنانيين جراء انقطاع التيار الكهربائي منذ 47 عاما، وتهدف ايضا الى جمع التواقيع على عريضة تدعو الى تسليط الضوء على خطة إصلاح الكهرباء الأخيرة التي وقعتها الحكومة في آذار 2022، كما الى مناصرة موضوع فتح جلسات اللجان البرلمانية الى العلن.
بداية، كانت كلمة للمدير التنفيذي للمبادرة اللبنانية للنفط والغاز عامر مردم بك، أوضح فيها أن “المبادرة هدفها التركيز على توعية الرأي العام ووضع السياسات ودعمها الى جانب مساعدة لبنان للاستفادة من أقصى حد ممكن من ثروته الطبيعية على الصعيدين الاجتماعي والاقتصادي وتفادي أن تصبح هذه الثروة الطبيعية نقمة على البلد”، لافتا إلى أن “المبادرة كانت في المقدمة في المطالبة بحقوق لبنان النفطية أي منذ تأسيسها عام 2017”.
وقال: “القطاع مر بالكثير من الصعوبات وهناك عوامل عدة أثرت عليه من ناحية تضارب المصالح والتطلعات الجيوسياسية، وعدم القدرة على الاتفاق على ترسيم الحدود البحرية، وانفجار 4 آب عام 2020، وآخرها تداعيات الحرب الروسية- الأوكرانية، والمبادرة قامت اليوم بتوسيع نطاق عملها لتشمل قطاع الكهرباء الذي يعد عاملا أساسيا للأزمة في لبنان”.
عياط
ثم تحدثت الخبيرة في تمويل مشاريع الطاقة كارول عياط، فأكدت أن “الكهرباء هي قلب الاقتصاد النابض، من دونها لا يوجد سلامة غذاء ولا قطاع طبي سليم ولا انترنت ولا قطاع تعليمي”.
وقالت: “على مدى السنوات الماضية في لبنان، كان مصدر وجود 24/24 ساعة كهرباء هو القطاع الخاص غير الشرعي الذي يتفادى دفع الضرائب. وبحسب تقديرات البنك الدولي، فإن القطاع لا يخسر بل يربح 500 مليون سنويا وتغيب فيه الرقابة سواء من ناحية الأثر البيئي ومن الناحية التقنية، وكان هذا القطاع يغطي عجز الدولة من الضرائب. إن تسعيرة المولدات الخاصة اليوم والتي أصبح لا بد منها باتت تتراوح ما بين 50 سنتا الى دولار عن كل كيلو واط ساعة، وهذا يشير الى أن الكهرباء والتي هي حق أساسي أصبحت من الكماليات”.
أضافت: “بالنسبة لكهرباء لبنان، اعتدنا على غياب الاستثمارات أو الحلول الطويلة الأجل، فآخر معمل تم بناؤه في التسعينات كان أكثر من 400 ميغاواط ويغطي بحدود 4-5 ساعات كهرباء ولكننا لم نقم بأي خطوة للحفاظ عليه”.
ورأت أن “قطاع الكهرباء هو نموذج عن عجز كل هذه الطبقة السياسية على مدى السنوات بالقيام بالإصلاحات، وبالتالي إصلاح القطاع يعني إصلاح البلد اقتصاديا وماليا، وهو إحدى المتطلبات الأساسية لصندوق النقد الدولي واليوم هي الفرصة للقيام بقفزة نوعية في مجال الطاقة المتجددة التي تجعلنا نؤمن طاقة مستدامة ونظيفة للبنانيين عبر الانتقال الى الغاز الطبيعي”.
وعن مضمون الخطة التي أعادت الحكومة إقرارها في نيسان عام 2022، رأت أنه “لم يكن ينقصنا الخطط بل ما كان ينقصنا هو التنفيذ”، مشيرة إلى أنه “لنجاح هذه الخطة يجب:
أولا، إعادة التوازن المالي لكهرباء لبنان من خلال رفع التعرفة، وتفعيل الجباية.
ثانيا، إذا قمنا بزيادة الإنتاج مع خسائر على الشبكة 50% لا يمكن لذلك أن يكون مستداما او نعيد التوازن المالي وبالتالي يجب ان ننظر الى الجباية والى نموذج التوزيع، وحتى يمكننا أن نتداول بأفكار جديدة مثل اللامركزية الإدارية ونأخذ خبرة المولدات الناشئة.
ثالثا، يجب وجود النية السياسية للإصلاح وقانون الكهرباء 462 الصادر سنة 2002، يلحظ تعيين الهيئة الناظمة بطريقة شفافة مع خبراء وبعيدا عن المحاصصة السياسية او الطائفية، للانتقال الى الغاز الطبيعي لتوفير ملايين الدولارات على الخزينة وعلى جيبة المواطن.
رابعا، الانتقال الى الطاقة المتجددة خاصة أن هناك فرصة في ظل ارتفاع سعر برميل البترول عالميا وبالتالي أصبحت أمرا أساسيا ويجب أن تكون في صلب الخطة. وبالتالي، كل هذه المشاريع التي تتخلل طاقة نظيفة ومستدامة يجب أن تكون ملحوظة لأن ذلك يثبت التعرفة لدى المستهلك خاصة أن التعرفة الجديدة المطروحة في خطة الكهرباء بحسب البنك الدولي ستتضمن مؤشرا يتحكم به سعر برميل البترول عالميا وبالتالي كلما زدنا الطاقة المتجددة، كلما جعلنا التعرفة ثابتة وهذه منفعة تذهب للمستهلك وتكون آمنة وأنظف وأوفر”.
وعن سلبيات الخطة، رأت عياط أنه “لم يتم ذكر كيفية تأمين التمويل لهذه المشكلة”، مؤكدة في الوقت عينه “ضرورة “تفعيل قواعد القانون لمكافحة السرقات، وأن هدف المبادرة الحث على إيجاد الحلول المستدامة والطويلة الأجل التي تمنع أي نوع من الهدر”.
وأشارت إلى أن “هناك قانونين مهمين جدا مرا على طاولة الحكومة وهما في مجلس النواب. الأول، قانون الطاقة المتجددة والطاقة الشمسية الموزعة الذي يمكنه أن يؤدي الى قفزة نوعية ويجلب الكثير من الاستثمارات في مجال الطاقة المتجددة ونطاق الطاقة الموزعة، أما الثاني، فهو القانون الذي يتعلق بفعالية الطاقة وهو قانون مهم للتحفيز على الطاقة النظيفة خاصة أن أنظف طاقة هي التي لا نستهلكها”، مطالبة ب”تنفيذ هذه القوانين بأسرع وقت ممكن لأنها ستساعد القطاع الخاص والمجتمع اللبناني ككل في ظل عدم تنفيذ الإصلاحات والمماطلة بها”.
وختمت: “المطلوب اليوم النية السياسية للإصلاح لأن الخطط موجودة ولكنها بحاجة الى تنفيذ وتحتاج الى إصلاحات والى برامج مع صندوق النقد يعيد فتح الاستثمارات”.
بعدها، جرى عرض للفيديو المصور الذي يحمل عنوان “47 ثانية”، والذي يهدف الى تجسيد معاناة المواطنين والمأساة جراء انقطاع التيار الكهربائي.
من جهتها، رأت عضو المجلس الاستشاري للمبادرة اللبنانية للنفط والغاز ديانا القيسي أن “المشكلة اليوم ليس بالخطة المطروحة وإنما غياب النية السياسية لتنفيذ الإصلاحات”، معتبرة أن “كل دقيقة كهرباء مرتبطة اليوم بالإصلاحات، خاصة أن الفرص تتضاءل أمامنا إذ تتمنع الدول عن إمدادنا بالغاز الطبيعي لأنه لا يوجد أي نية لتطبيق الإصلاحات”.
أما بالنسبة للخطة التي أقرت، فأوضحت القيسي أنها “تتضمن إصلاحات باتت معروفة منها إنشاء هيئة ناظمة تستطيع أن تراقب وتشرف مع هيئة رقابية وتتعاون مع الناس بكل شفافية وتشاركية وتخبرهم ما الذي يحصل داخل الغرف السوداء أي شركة كهرباء لبنان. كما تتضمن الخطة وقف إستراتيجية التكامل العمودي أو ما يعرف بالvertical integration والتي ولى عليها الزمان لكي تستطيع أن تسير قدما بإدارة جيدة للقطاع وتبعد القطاع الخاص من ناحية التوزيع خاصة أن القطاع الخاص (كالمولدات الخاصة) بات يتحكم فينا. وبالتالي، تلحظ الخطة كيفية دمج هذا المنحى الإصلاحي والذي يركز على كيفية إيقاف الهدر غير التقني والسرقة الموصوفة من خلال قرار سياسي فعال”.
وأكدت القيسي “ضرورة الإسراع بتنفيذ الإصلاحات والالتزام بمعايير الشفافية التي هي المدخل الأساسي للدول المانحة”.
في الختام، افتتحت جلسة أسئلة وأجوبة مع الحضور.
+ لا توجد تعليقات
أضف لك