التحرش الجنسي الالكتروني

1 مدة القراءة

إعداد: الباحث جاد شامي

التحرش الجنسي، هو أي سلوك غير مرغوب فيه ذي طابع جنسي أو أي سلوك قائم على الجنس يمس بكرامة الرجل والمرأة. ويشمل التحرش بهذا المعنى السلوك الجسدي واللفظي وغير اللفظي غير المرغوب فيه.
وعلى هذا الأساس، فإنّ هناك نطاقا واسعا من أنماط السلوك التي تعتبر تحرشاً جنسياً. ويكون هذا السلوك غير مقبول، عندما يكون مرفوضا و مستهجَنا لدى متلقي هذا السلوك. واقعة التحرش الجنسي، تتألف عادة من أفعال مرفوضة وغير متبادلة، والتي من شأنها أن تخلف آثارا مدمرة على الضحية. فالتحرش الجنسي يمكن أن يشمل اللمس، أو إبداء الإيماءات أو النظر أو اتخاذ مواقف، أو سرد النكات أو استخدام لغة موحية جنسيأً أو التلميح إلى الحياة الخاصة للشخص أو الإشارة بالغمز أوبعبارات جنسية مبطنة أو إبداء ملاحظات عن ثوب أو قوام أو التحديق المتواصل في شخص أو في جزء من جسده .
والتحرش الجنسي هو سلوك جنسي متعمد من قبل المتحرش وغير مرغوب به من قبل الضحية، حيث يسبب إيذاءا نفسيا أو حتى أخلاقيا، ومن الممكن أن تتعرض له المرأة في أي مكان وليس من الضروري أن يكون سلوكا جنسيا معلنا أو واضحا، بل ملمحاً إليه، و قد يشمل تعليقات ومجاملات غير مرغوب فيها مثل الحملقة، والصفير، والعروض الجنسية، والأسئلة الجنسية الشخصية إضافة إلى بعض الإيماءات الجنسية غير المرغوب فيها…الخ. وكلها أشكال من الإيذاء والتحرش الجنسي يقوم يقوم بها مجموعات بغرض فرض هيمنتها على المجموعات الأضعف وعادة ما يستهدف الرجال بها النساء .
كان التحرش الجنسي في الماضي يعتير مجالا لا موجب للقانون أن يتدخل فيه. أما اليوم فهو يعتبر أمرا شديد الصلة بالحق في المساواة في المعاملة دون اعتبار للجنس. وتؤدي الحكومات الوطنية و المنظمات الدولية، كمنظمة العمل الدولية، دورا محوريا في تعزيز الوعي بالتحرش الجنسي ووضع المعايير بشأنه..
شهدت السنوات الأخيرة تغيرا ملحوظا في مواقف المجتمعات من حوادث العنف التي تتم في إطار الأسرة وحوادث الإعتداءات الجنسية. فأنماط السلوك التي كانت تحدث في الماضي من دون عقوبة أصبحت اليوم محل اهتمام، واتُّخذت حيالها إجراءت واسعة النطاق في إطار القوانين الجزائية، وهو أمر وثيق الصلة بالحركات الداعية إلى تعزيز حقوق المرأة .
وقد شدد قانون العقوبات اللبناني، في تصديه للموضوع الجنسي والأفعال المنافية للحشمة والآداب العامة في العديد من الفقرات والمواد فتكلم عن: الاغتصاب، في (المواد 503 حتى 506) والفحشاء في المواد ( 507 حتى 510) وشدّد العقاب إذا اقترف العمل الجرمي شخصان أو أكثر، أو في حالة اصابة المعتدى عليه بأمراض زهرية أو بأي مرض آخر أو كانت المعتدى عليها بكرا فأزيلت بكارتها، كما تكلم القانون عن الخطف بالخداع أو العنف (المادة 514 حتى 517) والإغواء والتهتك وخرق حرمة الأماكن الخاصة بالنساء وفي الحض على الفجور والتعرض للأخلاق والآداب العامة، في (المواد 523 حتى 530) وفي دعارة القاصرين، في (المواد 535-536) .
التحرش، ظاهرة عالمية غير مقصورة على المرأة العربية وحسب، فقد كشفت دراسة صادرة عن معهد المرأة في العاصمة الإسبانية مدريد، عن تعرض مليون و310 آلاف عاملة لنوع من أنواع التحرش الجنسي عام 2018 وهو ما يمثل 15% من مجموع عدد العاملات في اسبانيا .
أمام ازدياد ظاهرة الإستغلال الجنسي، والاعتداء الجنسي، وارتكاب الفحشاء، والإغواء والتهتك، و الاغتصاب، والميل الشاذ غير الإنساني، راحت صيحات الأهل والعائلات ترتفع للتشدد في تطبيق النصوص القانونية العقابية الحازمة، وأن تكون المحاسبة العقابية بمستوى الحدث الجرمي الحاصل، بحيث لا تبقى مجتمعاتنا تعيش الأمراض النفسية و الاجتماعية، بينما المشرع يتفرج على الآفات الاجتماعية الانسانية وكأن هذه «الموضة» في الفحشاء الأخلاقي الجنسي هي من مميزات عصر التطور، بينما هو عصر الانحطاط في كل شيء .
لا شك أن جريمة التحرش الجنسي كانت ولازالت من أخطر وأقدم الظواهر الاجتماعية، ومع التقدم الهائل الذي شهده العالم في مجال التكنولوجيا والمعلوماتية تطورت أشكال التحرش الجنسي لتنتقل من المجتمع الواقعي إلى العالم الإفتراضي. إذ أصبحت وسائل التواصل الإلكترونية تشكل أرضًا خصبة لفئة من المنحرفين ينشطون بشكل عصابات أو أفراد لاصطياد ضحياهم وبالتالي تسخير الفضاء الرقمي لخدمة منافعهم المالية أو الجنسية؛ وهو ما عُرف بالتحرش الجنسي الأليكتروني.
إزاء هذا الواقع، تفاقمت في الآونة الأخيرة أعداد شكاوى التحرش والابتزاز الجنسي الواردة عبر وسائل مواقع التواصل الاجتماعي بحيث أضحت شبكة الأنترنت بيئة مغرية ومحفّزة لانتشار هذا النوع من الجرائم وذلك لارتباطها بعامل غياب هوية الفاعل وتخفيه بالأساليب الملتوية والإحترافية التي يصعب أحيانا رصدها وتعقبها على الفور.
فما هو مفهوم التحرش الجنسي الألكتروني؟ وهل من قانون خاص في التشريع اللبناني يجرم ويعاقب مرتكبي هذا الفعل؟ وما هو الإبتزاز الأليكتروني ؟ أهو جرم منفصل عن التحرش الجنسي أو هو من قبيله؟

المصدر : مجلة القرار للبحوث العلمية | العدد السابع | المجلد الثاني | السنة الأولى | تموز (يوليو) 2024 | محرم 1445

ElQarar http://www.elqarar.com

مجلة القرار® للبحوث العلمية المحكّمة
ElQarar® Journal for Refereed Scientific Research

المزيد للمؤلف

ربما يعجبك أيضاً

+ لا توجد تعليقات

أضف لك