إعداد | المستشار د. عبد القادر ورسمه غالب* :
یتم الترخیص للبنوك بعد استیفاء متطلبات عدیدة وضروریة لضمان كفاءد وسلامة العمل في البنوك لتتمكن من خدمة الاقتصاد والزبائن، وكذلك من أجل منح الحمایة الكافیة لأموال المودعین والمستثمرین الذین یضعون أموالھم لدیھا، وھم مرتاحي البال، وكل ھذا یساعد في تحقیق سیاسة الشمول المالي. وللتأكد من تحقیق ھذه المقاصد الأساسیة وتوفرھا بشكل دائم فان الجھات الرقابیة المختصة تقوم بالفحص والتقییم الشامل لكل ما یتعلق بالبنوك، وعبر ھذا وغیره من الوسائل الفنیة الأخرى، یتم تصنیف البنوك بغرض تحدید وضعھا وتقییمھا التقییم الفني الملائم. وكشف الحساب النھائي لكل بنك یكون خیر دلیل واثبات واضح للعیان.
ان النظم المتبعة لتقییم البنوك بواسطة الجھات الرقابیة كالبنوك المركزیة وغیرھا، من دون شك، أثبتت أنھا احدي الأدوات الفعالة لتقییم مدي قوة ومتانة البنوك وھل لدیھا “العافیة” والقوة الكافیة للاستمرار أو أنھا تحتاج لتقدیم “العلاج الداعم” ونوع ومدي ھذا العلاج ومدة تطبیقھ…الخ. وفي ھذا الخصوص، فان نظام التقییم للبنوك یجب أن یراعي العدید من العوامل الھامة منھا المالیة والاداریة والتنظیمیة شاملة الأمور القانونیة والمؤسسیة. وفي ھذا، على الجھات الرقابیة العمل على تقییم كل البنوك في البلد تقییما موحدا ینطبق علي الجمیع بنفس الدرجة، مع اعطاء المزید من الاھتمام للبنوك الضعیفة سواء من النواحي المالیة أو تلك العملیة والتنظیمیة. ومن ھذا التقییم “الموحد” یتم الوصول للتصنیف الملائم لكل بنك علي حدة وھل یحتاج لأي متابعة ولماذا؟ وما نوعھا؟ وكل ھذا یدل علي وجود سلطة رقابیة ذات كفاءة مھنیة مما یساعد بدوره في توفیر الثقة في القطاع المصرفي
والاطمئنان في التعامل معھ. وھذا بالطبع ینعكس بالخیر على كل الوضع الاقتصادي في البلد.
ان ھذا التقییم “الموحد” المرتبط بالبنوك، یشمل تصنیف ستة عناصر رئیسیة في البنك وھي بالتحدید تشمل كفایة رأس المال، الموجودات، الایرادات، الادارة، السیولة وادارة المخاطر بكل أنواعھا. والتصنیف یكون من الرقم (1) الي الرقم (5). والرقم (1) یشیر للتصنیف الأعلى ومنھ یتضح أن البنك “قوي” ولا یحتاج لاھتمام السلطات الرقابیة نظرا لأن أداء البنك متمیز وتوجد ادارة جیدة للمخاطر. وبالتالي فان الرقم (5) یعني التصنیف الأقل وذلك لوجود ضعف في أداء البنك وفي ادارتھ للمخاطر مما یعني أنھ “ضعیف” ویحتاج الي عنایة فائقة من السلطات الرقابیة حتي لا یھلك وینھار. ویجب تنبیھ مجلس الادارة مع الادارة التنفیذیة للبنك لاتخاذ كل الحذر والعمل علي اتخاذ كل الاجراءات الضروریة لرفع شأن البنك وطاقتھ. ومن دون شك، فان تقییم وضع الادارة في البنك ومدي تفھمھا للوضع ومدي اھتمامھا والتشمیر عن سواعدھا لتحسین الوضع سیساعد كثیرا في الوصول بالبنك لبر الأمان. ولا بد من القول أن دور الادارة ھام ولھ أثر كبیر ویجب منح ھذا الدور كل العنایة عند التصنیف. ولتوضیح درجات التقییم، فان الرقم (1) عبارة عن تصنیف “قوي – سترونق”، والرقم (2) عبارة عن تصنیف “مرضي – ساتسفاكتوري”، والرقم (3) عبارة عن تصنیف “متوسط – فیر”، والرقم (4) عبارة عن تصنیف “حدي – مارجینال”، والرقم (5) عبارة عن تصنیف “غیر مرضي – أن ساتسفاكتوري”.
والتصنیف 1 “قوي” دائما یمنح للبنك الذي یتصف بالمتانة والقوة من جمیع النواحي التي تمكنھ من مقابلة كل المتطلبات مع الالتزام التام بالقوانین والأنظمة اضافة الي عدم وجود أي نقطة ضعف مع السبطرة على المخاطر. والتصنیف 2 “مرضي” یكون للبنوك التي في الأساس متینة ولكنھا تعاني من مشاكل طفیفة تقع ضمن سیطرة مجلس الادارة والادارة التنفیذیة، وھي قادرة ولھا الامكانیات التي تمنكھا من التعامل مع التقلبات والالتزام بالقوانین والأنظمة. وفي الغالب، یكون تدخل السلطات الرقابیة في عمل ھذه البنوك لدرجة محدودة جدا. والتصنیف 3 “متوسط” یشكل قلقا للسلطات الرقابیة نظرا لوجود ضعف قد یصل لدرجة حادة في بعض مكونات التصنیف، وغالبا تكون الادارة غیر قادرة على التعامل معھا بجدیة مع ظروف العمل السائدة، وأن الادارة غیر متقیدة لدرجة كافیة بالقوانین والأنظمة.
والتصنیف 4 “حدي” یشیر الي أن البنوك تحتاج متابعة شدیدة ورقابة قویة من السلطات الرقابیة لأنھا تعاني من ممارسات غیر سلیمة ومحفوفة بالمخاطر ولدیھا مشاكل اداریة ومالیة خطیرة وعالیة المخاطر وكذلك عدم الالتزام بتطبیق القانون والنظم. وفي مثل ھذه الحالات یتم الزام البنوك المعنیة باتخاذ اجراءات اجباریة فوریة لتصحیح الأوضاع لأن الانھیار یبدو وشیكا. والتصنیف 5 “غیر مرضي” یدل على أن البنوك تعاني ممارسات غیر
آمنة وبشكل كبیر وكذلك تعاني من فشل شدید في الأداء وضعف أشد في مقابلة المخاطر، ولذا فھذا النوع یشكل قلقا كبیرا جدا لدي السلطات الرقابیة لأن المشاكل تفوق مقدرة ادارة البنك وتحتاج البنوك لمساعدات إسعافیھ طارئة ومتابعة لصیقة دقیقة، مع احتمال الانھیار التام للبنك في أي لحظة.
ان التقییم والتصنیف المھني السلیم یمكن السلطات الرقابیة وكذلك البنوك نفسھا من معرفة حقیقة الوضع والي أین الاتجاه الذي تشیر لھ بوصلة التقییم. وكذلك فان ھذا الوضع یعتبر “جرس انذار” یمنح كل الأطراف الفرصة لمعرفة الخطر وكیفیة مجابھتھ وما ھي الوسائل المطلوبة لھذه المواجھة. وبموجب القوانین والممارسات المصرفیة السلیمة، على كل البنوك الوقوف صفا واحدا مع السلطات الرقابیة وفي نفس الخندق للعمل سویا بعزیمة واحدة للوصول للتقییم السلیم الذي یوضح التصنیف المستحق لكل البنوك ولكل بنك على حدة…
والوصول لھذه المرحلة المتقدمة من التعاون، في نظرنا، یدلل على متانة وعلى حرص الصناعة المصرفیة في مواصلة المشوار بكل الشفافیة المطلوبة لتحقیق الریادة والتقدم في ھذا القطاع الحساس والھام الذي یلجأ لھ الجمیع بثقة لوضع أموالھم وأماناتھم. والتقییم الصحیح والتصنیف المنھجي یضع عمل البنوك في الاطار السلیم للحمایة، وفي نفس الوقت یعمل على توفیر الثقة في البنوك لتنطلق في مسیرتھا لتحقیق أھدافھا.
+ لا توجد تعليقات
أضف لك